قال النائب جبران باسيل: “أشكركم لإتاحة الفرصة لي لأن أتحدث في هذه الندوة الهامة بعنوان “الهجرة ومسيحيو الشرق”، حيث أن حركة إنتقال السكان في الشرق الأوسط لها أثر فوري على الجماعات المسيحية في المشرق وأثر مباشر على المجتمعات في أوروبا”.
وأضاف باسيل من مجلس النواب الايطالي بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية: “تميزّ لبنان وإيطاليا دوماً بهجرة شعبيهما اللذين إنتشرا في جميع قارات الأرض، فضلاً عن أن لبنان يحتلّ المرتبة الاولى في عدد المنتشرين بالنسبة للسكان، في حين يحتفظ كل من الإيطاليين واللبنانيين المهاجرين بعلاقات وثيقة مع الوطن الأم”.
واردف: “شكل الإيطاليون واللبنانيون نموذجاً للعيش في مجتمعات الدول التي هاجروا إليها، كما أظهروا قدرة عالية على التأقلم في المجتمعات المضيفة، تماماً كما أظهروا كرماً كبيراً في إستضافة واستيعاب الوافدين الفرديين الى لبنان وإيطاليا”.
ولفت باسيل: “تواجه القارة العجوز وايطاليا اليوم هجرة كثيفة مزدوجة: من الشرق، بفعل الحرب الأوكرانية، ومن الجنوب، بسبب إختلال التوازن الطبقي بين المجتمعين اللذين تفصلهما عوامل الدين والإقتصاد والتربية والتنمية والمستوى الإجتماعي وواجه لبنان التهجير الجماعي ل 500 ألف فلسطيني من جهة الجنوب ومليوني سوري من الشرق والشمال، في حين لا يزال هو يواجه الهجرة المفروضة على شعبه”.
وتابع: “يستضيف لبنان اليوم ما بين 200 و250 لاجئ ونازح بالكلم المربع الواحد… واذا اردنا قياس الامر على إيطاليا، فيصبح كأنها تستضيف أكثر من 75 مليون لاجئ بالمقارنة مع عدد سكانها, الكثافة السكانية في لبنان تبلغ 450 نسمة بالكلم2 بينما في إيطاليا تبلغ حوالي 206، وفي سوريا 65, وقفزت اعداد النازحين السوريين بين عامي 2016 و2023 من مليون و600 ألف نازح الى نحو مليونين من بينهم 800 ألف شخص تحت سنّ ال 18 عاما”.
واشار باسيل: “الإرتفاع في عدد النازحين الى لبنان مردّه الى زيادة الولادات وليس الوافدين الجدد، فيما تدنّت نسبة الولادات اللبنانية من 2.12 سنة 2010 الى 1.75 في العام 2022… إنخفاض تاريخي سببه إنهيار الوضع الاقتصادي، هذا في حين تستضيف المدارس الرسمية اللبنانية تلامذة سوريين أكثر من التلاميذ اللبنانيين وحوالى 200 ألف لبناني هاجروا من لبنان في الآونة الأخيرة، ثلثهم تحت سن ال 25 سنة، أضف الى ذلك هجرة سنوية لنحو 10 آلاف طالب من أصل 75 ألف طالب”.
واضاف: “التأثير السلبي المباشر للنزوح على الإقتصاد اللبناني يبلغ بحسب البنك الدولي أكثر من 50 مليار دولار بينما الناتج المحلي GDP تراجع من 55 مليار دولار الى ما يقارب 15 مليارا، في حين يبلغ في ايطاليا 2.1 تريليون ومع كل هذا يتمكن اللبنانيون من التأقلم مع الوضع في لبنان بفضل صلابتهم ومرونتهم وقد أظهروا اعلى درجة من الكرم وحسن الضيافة والتضامن الإنساني والصبر في تاريخ كافة شعوب العالم”.
وشدد باسيل على ان: “الأزمة بلغت حدوداً لا تطاق وباتت تشكل تهديداً مباشراً على وجود الكيان اللبناني أرضاً وشعباً ومن اسباب بلوغ الازمة هذا الحد عدم التمييز بين الهجرة الطوعية والتهجير القسري حيث أن الأمم المتحدة أصدرت عام 2016 وثيقة بعنوان “التعامل مع التحركات الكبيرة للاجئين والمهاجرين” وكان المقصود منها بوضوح إهمال معالجة أسباب التهجير والتعامل مع نتائجه، وتناسي حق العودة والتركيز على دعم وحماية وتثبيت النازحين بهدف دمجهم في البلدان المضيفة”.
ولفت الى ان: “ركزت الأمم المتحدة على مفهوم إعادة التوطين الذي يلغي حق العودة بالنسبة الى الفلسطينيين خلافاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194 ويؤدي الى تغيير ديمغرافي في البلدان المعنية مثل إيطاليا وسوريا ولبنان فيضرب النسيج الإجتماعي لهذه الدول ويضعفها ويدخلها في صراعات وإنقسامات دينية ومن اسباب بلوغ الازمة هذا الحد ايضا الإرادة السياسية للمجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة وذراعها التنفيذي المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالاشتراك مع الإتحاد الأوروبي من أجل دمج النازحين في البلدان المضيفة”.
وتابع: “في الواقع، اوقفت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ودول أخرى ومنظمات غير حكومية، لا بل منعت، العودة الطوعية للنازحين الى بلادهم عبر تهديدهم بقطع المساعدة المالية عنهم في حال عادوا الى سوريا بصورة دائمة ونتيجة هذه السياسة تتجلى في لبنان عبر الرقم المسجل شهرياً لعابري الحدود بين لبنان وسوريا، إذ تظهر حركة الانتقال عبر الحدود أن ما يقارب 200 ألف من النازحين المسجلين لدى المفوضية كلاجئين يعبرون الحدود، فيما ترفض المفوضية لغاية اليوم تزويد السلطات اللبنانية بقوائم النازحين المسجلين لديها لتفادي تبيان دخولهم الى سوريا كنازحين واسقاط صفة اللجوء عنهم”.