fbpx
مايو 17, 2024 12:17 م
Search
Close this search box.

لماذا علينا الترحيب بالذكاء الاصطناعي بدلاً من الخوف منه؟

كان الذكاء الاصطناعي ولا يزال أحد أكثر الموضوعات إثارة للجدل، فبينما يتطلع البعض إلى التقدم التكنولوجي الذي يَعِد به، يخشى آخرون المجهول ويتبنون نهجاً متشائماً تجاهه ويعتقدون أنه قد يشكّل تهديداً للبشرية، في الوقت الذي بدأنا فيه نشهد بالفعل تطورات مذهلة ونحن ندخل المراحل الأولى من ثورة الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي للمساعدة على تحسين استراتيجيات العمل وفي تحليل وتشخيص الأمراض، ويمكن الاستفادة من قوة التعلم الآلي لدفع الصناعات للأمام وتشكيلها من جديد. باختصار لا شيء مما رأيناه حتى الآن يقنعنا بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتآمر على البشرية أو أنها ستقدّم شيئاً آخرَ غير مستقبل أفضل وأكثر إشراقاً، فلماذا ينبغي علينا ألّا نخشى من سيطرة الذكاء الاصطناعي وتدميره للبشرية؟

تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ترسم خارطة طريق من أجل عالم أفضل وأكثر إنصافاً
ضمن جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2018، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة جوجل سوندار بيتشاي، أن الذكاء الاصطناعي ربما يكون أهم اختراع أنجزه البشر، وقد يكون أكثر عمقاً من الكهرباء والنار، وبينما قُوبل التعليق بشيء من الشك، إلّا أنه بعد ما يقرب من خمس سنوات يبدو أن ما قاله في طريقه لأن يكون صحيحاً.

وفقاً لاستطلاع حديث أجرته شركة تاتا (Tata) للخدمات الاستشارية بعنوان: (العمل نحو المستقبل: تفاؤل الذكاء الاصطناعي ومستقبل طريقة عملنا)، ذكر 21 شخصاً من الخبراء والمدراء التنفيذيين حول العالم أنه من المرجّح أن تقدّم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خارطة طريق للخروج من أسوأ دوافع البشرية وخلق عالم أفضل وأكثر إنصافاً.

حيث وجدت الدراسة أن 90% من المستطلعة آراؤهم متفائلون بشأن التغييرات التي ستُحدِثها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وما يقرب من نصفهم كانوا متفائلين للغاية عندما يتعلق الأمر بالعمل في المستقبل، حيث أجمعوا على أن الذكاء الاصطناعي سيحسّن بشكلٍ كبير تجربة العمل مع الفوائد المحتملة له، مثل أيام العمل القصيرة والمرونة وتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والعمل وغيرها.

ونحن الآن في مرحلة زمنية يمكن فيها للعلوم والتكنولوجيا أن تقدّم للبشرية حلولاً بطريقة لم نشهدها منذ وقتٍ طويل، وفقاً للشريك الإداري في شركة تاتا، فرانك ديانا (Frank Diana) الذي يُضيف قائلاً: “نحن في مكانٍ لم نكن فيه منذ الثورة الصناعية الثانية”،م توقعاً أن انتشار الذكاء الاصطناعي على نطاقٍ واسع سيبشّر بالابتكار في العديد من المجالات مثل النقل والطاقة والطب والاتصالات.

بينما كان المؤلف والمتحدث الجماهيري بيرنارد مار (Bernard Marr) أكثر تفاؤلاً، حيث ذكر في معرض تعليقه على الاستطلاع: ” أرى الفوائد المذهلة كلها التي يمكن أن تنتج عن الذكاء الاصطناعي كل يوم، وأعتقد أن الذكاء الاصطناعي هو أقوى تكنولوجيا تمكّن البشر من الوصول إليها على الإطلاق، وهي قوة قادرة على تقليل مسائل عدم المساواة وحل التحديات في الصحة والتعليم وتغيّر المناخ”.

ويُضيف: “سيجعل الذكاء الاصطناعي العلاقات بين الطبيب والمريض أفضل بكثير. على سبيل المثال، ستتمكن التكنولوجيا من تولى أعباء معاملات التأمين والأوراق التنظيمية، ما يحرره لقضاء المزيد من الوقت مع المرضى، وفي هذه الحالة لا أرى الذكاء الاصطناعي شيئاً مخيفاً، فالأنظمة جميعها التي تُطور لا تعمل ضد البشر ولكنها تجعلنا أفضل”.

لماذا لا ينبغي على الناس الخوف من تطور الذكاء الاصطناعي؟
وفقاً لعالمة النفس والمتخصصة في مشكلات اضطراب ما بعد الصدمة كيسلي لاتيمر (Kelsey Latimer)، فإن السبب في أن الناس يخشون الذكاء الاصطناعي يكمن في إنسانيتنا، ويعود ذلك إلى أن البشر مجهزون دائماً للاستعداد للأسوأ، فمن وجهة نظر تطورية نحن مستعدون لرؤية الأشياء السلبية والمخيفة حتى والاستجابة لها”.

وتُضيف قائلة: “إذا نظرنا إلى شيء ما على أنه سلبي واتضح أنه إيجابي فلن يحدث أي ضرر، أمّا إذا نظرنا إلى شيء ما على أنه إيجابي ولكن اتضح أنه سلبي فغالباً ما نحتاج إلى الاستعداد لتحمل العواقب”.

وما يغذّي هذا الشعور فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي النظرة السلبية التي صدّرتها أفلام الخيال العلمي التي رسمت صورة قاتمة للذكاء الاصطناعي عبر الشاشة منذ فترة طويلة، حيث صورتها كتكنولوجيا هدفها الأساسي غزو الأرض وتدميرها واستعباد ساكنيها.

بينما العكس تماماً هو ما نشاهده اليوم لما يحتمل أن يكون فترة تحول في تاريخ البشرية أجمع، إذ تعمل التكنولوجيا الآن على زيادة وتوسيع الإمكانات البشرية في كل مجال، فأحدث بوتات الدردشة وأنظمة توليد الصور المدعومة بالذكاء الاصطناعي أسهمت بصورة كبيرة في زيادة الإنتاجية، وقدّمت لمحات باهرة عما ينتظرنا في المستقبل القريب.

لماذا ينبغي علينا الترحيب بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي؟
على الرغم من حالة التشاؤم التي يُبديها أبرز قادة التكنولوجيا والخبراء حول الذكاء الاصطناعي، فإن ما هو متوقع يتجاوز بكثير المخاوف التي ظهرت حديثاً، إذ إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قادرة على تغيير الكثير من مناحي الحياة، بما في ذلك:

تسريح العمال حقيقة واقعة موجودة من القدم لكن التقدم التكنولوجي لا يسبب البطالة
في حين أن تسريح العمال هو حقيقة وُجِدت منذ أن عرف البشر العمل، ويحدث الآن بصورة متسارعة نتيجة لتطور الذكاء الاصطناعي، إلّا أنه لا يوجد دليل تاريخي على أن التقدم التكنولوجي سيؤدي إلى بطالة جماعية، وهذا يعود إلى أن القوى العاملة تتمتّع بتاريخ من المرونة.

ومن ثَمَّ يمكن أن تؤدي القدرة التكنولوجية المتزايدة إلى عمل أعلى قيمة والمزيد من الإنتاجية، التي من المرجّح أن تتعلم الأجيال القادمة كيفية التعامل معها مع وجود الذكاء الاصطناعي في كل وظيفة تقريباً، فكلما زاد فهم الذكاء الاصطناعي، سيسود الاعتقاد بأن التكنولوجيا لها تأثير إيجابي على العمل.

خلق المزيد من الوظائف وليس أتمتتها
وفقاً لشركة التوظيف عبر الإنترنت أب وورك (Upwork)، فإن الوظائف التي تتطلب التعامل مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي زادت بنسبة 1000% في الربع الثاني من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يدل على زخم الصناعة على الرغم من الطبيعة السريعة الحركة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

علاوة على ذلك، يعتقد الخبراء أن رفع مهارات الموظفين الحاليين أمر ضروري للتكامل مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لأي شركة. على سبيل المثال، وجد تقرير توقعات المواهب التقنية للربع الثالث من عام 2023 أن نصف الشركات في أكثر من 41 دولة حول العالم بدأت بتدريب موظفيها وصقل مهاراتهم لمواجهة تحديات التوظيف التي يحركها الذكاء الاصطناعي.

لا شهادة جامعية؟ لا توجد مشكلة
بدأت العديد من الشركات، بما في ذلك الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا، بالاتجاه إلى إلغاء متطلبات الدرجة العلمية للوظائف والتركيز بدلاً من ذلك على التوظيف القائم على المهارات لجذب المواهب. على سبيل المثال، ألغت شركة أوكتا (Okta) التي تعمل على توفير أدوات تسمح بالوصول الآمن إلى تطبيقات الأعمال، متطلبات الشهادة الجامعية والتركيز على المهارات والخبرة لعدد من وظائف المبيعات في العام الماضي للوصول إلى مجموعة أوسع من المواهب.

كما بدأت حكومة الولايات المتحدة التفكير في نهج التوظيف على مستوى البلاد، حيث أعلن البيت الأبيض في شهر يناير/كانون الثاني من عام 2021، قيوداً على استخدام المتطلبات التعليمية عند التوظيف لشغل وظائف تكنولوجيا المعلومات، إذ ينصُّ الأمر التنفيذي على أن النظر في الغالب إلى الشهادات الجامعية قد يستبعد المرشحين الأكفاء ويقوض كفاءات سوق العمل.

اقرأ أيضا