كشفت دراسة علمية جديدة نشرت في دورية “جورنال أوف إثنوفارماكولوجي“ عن بُعد غير مستكشف من الطب المصري القديم، موضحة أن فعالية العديد من الوصفات العلاجية لم تكن ترتبط فقط بالمكونات النباتية، بل أيضاً بأساليب التحضير المعقدة التي اتبعها المصريون القدماء بدقة لآلاف السنين.
وأعدّت الدراسة مجموعة من الباحثين من معهد تاريخ الصيدلة والطب بجامعة فيليبس ماربورغ الألمانية، حيث دمجت بين التحليل اللغوي للنصوص الطبية القديمة وتقنيات التحليل الكيميائي الحديث، لفهم فئتين من الأمراض كما وردت في البرديات الطبية المصرية.

واستخدم الباحثون منهجيات فقه اللغة المعتمدة في علم المصريات لمراجعة النصوص، وأعادوا تصنيع ثلاث وصفات علاجية قديمة تمامًا كما وردت في النصوص، قبل تحليلها باستخدام الرنين المغناطيسي النووي والكروماتوغرافيا المقترنة بقياس الطيف الكتلي.

وأظهرت النتائج أن وصفة قائمة على نبات الشعير احتوت على مركب الهوردينين المعروف اليوم بخصائصه الدوائية، متوافقًا مع وصف المرض كما ورد في النص القديم، إلى جانب تأثيرات تكميلية ناتجة عن باقي المكونات.
كما بينت الوصفتان الأخريان أن الكتان قدم خصائص مضادة للالتهاب تتناسب مع علاج السعال، في حين أظهر الخروب مركبات مثل الإبيكاتيشين والغالات ذات صلة بعلاج الحمى وأعراض الجهاز التنفسي.
وتؤكد الدراسة أن التقنيات الصيدلانية المصرية القديمة لم تكن عشوائية، بل اعتمدت على فهم واضح لتأثير المكونات وطريقة تحضيرها لتحقيق نتائج علاجية ملموسة، مشيرة إلى أن التحليل الكيميائي الحديث يشكل أداة مهمة لدعم علماء المصريات في تفسير دلالات وصفات التحضير وفهم مفهوم المرض لدى المصريين القدماء.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام إعادة تقييم الكثير من النصوص الطبية القديمة، مع التركيز على التفاعل بين المكونات بدلاً من دراسة كل مركب على حدة، مضيفة بعداً جديداً لفهم تطور المعرفة الطبية عبر العصور.














