الرغبة الجنسية عند المرأة… لماذا تشتعل فجأة ثم تختفي بلا سبب؟

في لحظةٍ ما، تشعرين بأنكِ مفعمة بالشغف والرغبة في الاقتراب من شريكك، ثم بعد أيام – أو حتى ساعات – تجدين نفسك غير مبالية، وكأن شيئًا ما انطفأ داخلك دون تفسير واضح. هذه الظاهرة المربكة ليست نادرة، بل هي جزء طبيعي من التغيرات التي تمر بها المرأة نتيجة لتفاعل معقّد بين الهرمونات، النفس، والعاطفة.

لكن لماذا تحدث هذه التقلبات؟ وهل يمكن فهمها والتحكم بها بدل أن تظلّ غامضة وغير متوقعة؟

هرمونات الحب والشغف: لعبة كيميائية لا ترحم

تُظهر الدراسات العلمية أن الرغبة الجنسية عند المرأة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتوازن ثلاثة هرمونات أساسية:

  • الإستروجين: المسؤول عن الإحساس بالأنوثة والرغبة الجنسية. يرتفع في منتصف الدورة الشهرية، ما يفسّر ارتفاع الشغف في تلك الفترة.
  • البروجستيرون: يزداد بعد الإباضة، فيمنح الجسم شعورًا بالهدوء، لكنه في الوقت نفسه قد يقلل الرغبة.
  • التستوستيرون: رغم أنه هرمون ذكري بالأساس، إلا أنه موجود لدى النساء بنسب صغيرة ويُعدّ المحرّك الرئيس للرغبة الجنسية.

توضح الطبيبة النفسية د. لارا منصور أن “المرأة ليست ثابتة كيميائيًا، فكل أسبوع من الدورة الشهرية يحمل كيمياء مختلفة تؤثر على الرغبة والمزاج وحتى على نظرتها إلى جسدها وشريكها”.

العامل النفسي… الرغبة لا تزدهر في القلق

لا تتأثر الرغبة بالهرمونات فقط، بل تتراجع بشكل كبير تحت ضغط التوتر النفسي أو الإرهاق العاطفي. فالمخ، عندما يشعر بالخطر أو القلق، يفرز الكورتيزول – هرمون التوتر – الذي يثبط بدوره إنتاج الهرمونات الجنسية.

تشرح المعالجة النفسية ريما شامي أن “النساء اللواتي يحملن مسؤوليات كبيرة، سواء في العمل أو المنزل، غالبًا ما يختبرن انخفاضًا في الرغبة رغم حبهن لشركائهن. المشكلة ليست في العلاقة، بل في الضغط الذهني الذي يسرق طاقتهن العاطفية”.

وهنا يظهر التناقض: فالرغبة تحتاج إلى استرخاء، لكن الاسترخاء يتطلب شعورًا بالأمان والهدوء، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل نمط الحياة المتسارع اليوم.

الرغبة والعاطفة… ليست علاقة ميكانيكية

تختلف طبيعة الرغبة بين الجنسين. فبينما ترتبط لدى الرجل غالبًا بالإثارة الجسدية المباشرة، تعتمد عند المرأة على التواصل العاطفي والذهني.
تشير دراسات من جامعة هارفارد إلى أن النساء اللواتي يشعرن بالتقدير والاهتمام العاطفي أكثر عرضة للشعور بالرغبة مقارنةً بمن يعشن علاقات جافة أو متوترة.

أي أن الرغبة عند المرأة ليست رد فعل بسيط على التحفيز الجسدي، بل تجربة معقدة تُبنى على شعور بالحب، الأمان، والانجذاب الذهني. ولهذا السبب، يمكن أن “تشتعل” فجأة بعد حوار دافئ، أو “تختفي” بعد خلاف بسيط، حتى لو لم يتغيّر أي شيء جسديًا.

العمر… مرحلة جديدة من التوازن

مع التقدم في العمر، تبدأ مستويات الإستروجين والتستوستيرون بالانخفاض تدريجيًا، خصوصًا بعد سن الأربعين. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أن العديد من النساء يشعرن بارتفاع الرغبة بعد هذا العمر بسبب التحرر من الضغوط والقيود النفسية.

توضح الاختصاصية في الطب الجنسي د. ميرا زيدان أن “الرغبة ليست حكرًا على عمر معين، بل تتأثر بالنضج العاطفي والتجارب الشخصية. بعض النساء يكتشفن متعتهن الجنسية الحقيقية بعد الأربعين حين يصبحن أكثر وعيًا بأجسادهن”.

كيف تعيدين التوازن إلى رغبتك؟

من المهم أن تدرك المرأة أن الرغبة ليست مؤشرًا على الحب أو الانجذاب فقط، بل على الحالة الهرمونية والنفسية العامة.
لذلك، يقترح الخبراء الخطوات التالية:

  1. تتبعي دورتك الشهرية: سجّلي الأيام التي تشعرين فيها بتغير المزاج أو الرغبة لتفهمي نمطك الشخصي.
  2. قلّلي التوتر: التنفس العميق أو التأمل يساعد على خفض الكورتيزول وتحفيز هرمونات المتعة.
  3. تواصلي مع شريكك بصراحة: الشفافية حول التغيرات الهرمونية تمنع سوء الفهم وتزيد القرب العاطفي.
  4. اهتمي بتغذيتك ونومك: نقص الفيتامينات أو قلة النوم يضعف الرغبة بشكل مباشر.
  5. امنحي نفسك الوقت والمساحة: لا تجبري الرغبة، بل اسمحي لها بالعودة تدريجيًا عندما تشعرين بالراحة النفسية.

الرغبة الجنسية عند المرأة ليست لغزًا، بل انعكاس صادق لعلاقة دقيقة بين الجسد، النفس، والهرمونات. قد تشتعل فجأة، وقد تختفي بلا سبب واضح، لكنها دومًا رسالة من جسدكِ تدعوكِ للإنصات إليه لا لمحاكمته.

حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية يرجى عدم نسخ ما يزيد عن 20 في المئة من مضمون الخبر مع ذكر اسم موقع Dailybeirut وارفاقه برابط الخبر.

اقرأ أيضا