كشفت دراسة علمية جديدة أن نفاد الصبر — أو تفضيل المكافآت الفورية على تلك المؤجلة والأكبر — ليس مجرد سلوك شخصي أو ضعفاً في قوة الإرادة، بل يرتبط بشكل واضح بعوامل وراثية محددة تشمل 11 موقعاً في الحمض النووي، إلى جانب ارتباطه بـ 212 حالة صحية ونفسية مختلفة.
وبحسب ما أورده موقع Study Finds، حلّل فريق من جامعة كاليفورنيا بيانات نحو 135 ألف شخص، وتمكّن من تحديد البصمات الوراثية المرتبطة بما يسمى علمياً “الاستخفاف بالوقت”، وهي السمة التي تدفع الفرد إلى اتخاذ قرارات سريعة للحصول على مكاسب فورية.
العلاقة الوراثية ليست بسيطة
أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يملكون استعداداً وراثياً لنفاد الصبر، كانوا أكثر عرضة للإصابة بـ:
- الإدمان
- السمنة
- أمراض القلب
- الألم المزمن
وفي المقابل، ظهر نمط معاكس تماماً لدى المصابين باضطراب الوسواس القهري، وفقدان الشهية، والفصام، إذ يميل هؤلاء وراثياً إلى انتظار المكافآت الأكبر بدلاً من الحصول على مكاسب فورية.
جينات المخاطرة ووزن الجسم
وأشار الباحثون إلى أن الجينات المكتشفة ليست جديدة تماماً، إذ تتواجد غالباً في مناطق ترتبط بـ:
- السلوكيات المحفوفة بالمخاطر
- الذكاء
- وزن الجسم
- الاضطرابات النفسية
وخلص الفريق إلى أن المتغيرات الجينية الشائعة تفسّر نحو 10% من الاختلافات بين الأشخاص في اختيار المكافآت الفورية مقابل المؤجلة، بينما يبقى التأثير الأكبر للعوامل البيئية، رغم ثبات المكوّن الجيني طوال حياة الفرد.
مناطق جينية حاسمة
من أبرز النتائج:
- الكروموسوم 6: متغير جيني يقع بين جينين معروفين بتأثيرهما على التدخين، وتعاطي الكحول، والمخاطرة، والاضطراب ثنائي القطب، ووزن الجسم.
- الكروموسوم 16: منطقة تحتوي على 18 جيناً مؤثرة في نمو الدماغ، والذكاء، وسلوكيات الأكل، ومرتبطة سابقاً بالتوحد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والفصام، والسمنة.
الذكاء والتعليم… علاقة معقّدة
أظهر التحليل أن الذكاء والتعليم كانا من أقوى العوامل الوراثية المتداخلة مع سمة نفاد الصبر. لكن حتى بعد استبعاد تأثيرهما في التحليلات الإحصائية، بقي هناك 19 ارتباطاً وراثياً مستقلاً، بينها:
- التدخين
- وزن الجسم
- أنماط الاتصال الدماغي
- اضطرابات الجهاز الهضمي
- الألم المزمن
خلاصة
تُظهر الدراسة أن نفاد الصبر ليس مجرد “طبع بشري”، بل سلوك له جذور بيولوجية واضحة تؤثر وتتأثر بمجالات واسعة من الصحة الجسدية والنفسية، ما يفتح الباب أمام فهم أعمق لكيفية اتخاذ القرارات وتأثيرها على صحة الإنسان.















