من هي الكائنات الحقيقية الخارقة للإشعاع النووي؟

دأب العلماء منذ خمسينيات القرن الماضي على دراسة قدرة الكائنات الحية على تحمل الإشعاع، إذ يُعرف أن جسم الإنسان لا يمكنه النجاة بعد التعرض لجرعة تتجاوز 1000 راد، وهي وحدة قياس الإشعاع الممتص.

الصراصير ليست خارقة كما يظن الجميع

رغم الاعتقاد الشائع بأن الصراصير قادرة على النجاة من كارثة نووية، فإن الحقيقة أقل دراماتيكية: تتحمل الصراصير جرعة تصل إلى 6400 راد فقط، أي ما يعادل 6 إلى 15 مرة قدرة الإنسان، لكنها ليست الأقوى بين الحشرات.

  • ذبابة الفاكهة: تتحمل نحو 64 ألف راد
  • الدبور الطفيلي: يتحمل جرعات تصل إلى 180 ألف راد

اختبر برنامج “مبدّدو الأساطير” الأمريكي هذه النظرية عمليًا في 2012، فوجد أن الصراصير تعيش أطول من الإنسان عند التعرض للإشعاع، لكنها في النهاية تموت عند الجرعات العالية، كما أن قدرتها على وضع بيض سليم تتأثر بشدة.

يقول البروفيسور مارك إلغار من مدرسة العلوم البيولوجية في ملبورن:
“الصراصير مقاومة لأشعة غاما نسبياً، لكن هناك حشرات أخرى أكثر قدرة، مثل بعض أنواع النمل الذي يحفر أعشاشه عميقاً في الأرض.”

البطل الحقيقي: بكتيريا “كونان”

الكائن الأكثر قدرة على مقاومة الإشعاع على الإطلاق هو بكتيريا Deinococcus radiodurans، المعروفة باسم “كونان”، إذ يمكنها البقاء على قيد الحياة عند جرعات تصل إلى 100 ألف راد.

اكتُشفت هذه البكتيريا في لحم مُعرّض للإشعاع بغرض التعقيم، لكنها بقيت حيّة، ما يجعلها تتفوق بمراحل على أي حشرة، بما في ذلك الصراصير.

لماذا لن ينجو أحد في كارثة نووية؟

يشير البروفيسور راف من مدرسة العلوم البيولوجية إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في الإشعاع المباشر، بل في التأثير المتسلسل على النظام البيئي بأكمله.

تُظهر دراسات كارثة تشيرنوبيل أن جميع الكائنات الحية — من الحشرات والبكتيريا في التربة إلى الفطريات والطيور والثدييات — تتأثر سلباً بمستوى التلوث الإشعاعي. تشمل هذه التأثيرات:

  • انخفاض الوفرة والتنوع البيولوجي
  • ارتفاع معدل الطفرات الجينية
  • زيادة الأورام والتشوهات
  • انخفاض متوسط العمر المتوقع
  • تراجع الخصوبة

رغم وجود كائنات خارقة تتحمل جرعات إشعاعية هائلة، فإن الإنسان وكل الكائنات الأخرى معرضة لمخاطر كارثية في حال حدوث حادث نووي.

اقرأ أيضا