أيام قليلة ويطوي العام 2025 صفحاته الأخيرة. عام ينقضي من عمر مجلس النواب المنتخب في مايو 2022، لينطلق بعد ذلك في رحلة البحث عن قانون الانتخاب الذي لايزال أسير التجاذبات السياسية، وهو القانون الموعود الذي يفترض أن تجرى الانتخابات النيابية المقررة في ربيع 2026 على أساسه.
وإذا كانت الانتخابات النيابية مناسبة لتجديد الحياة السياسية اللبنانية، فإنه من الصعب من الآن رسم صورة نهائية للمرحلة المقبلة، إذ إن أجواء البلاد تعبق بتساؤلات لا تجد أجوبة واضحة تمزق هذا الجو المتلبد، إلا أنه وبحسب المؤشرات فإن هذه الانتخابات إن حصلت ستكون حامية بعدما تصدعت جبهات عدة سيكون لها تأثيرها في صناديق الاقتراع، هذا إذا توافرت ظروف حصولها في موعدها المقرر، إزاء الهمس المتنامي في الكواليس عن تمديد تقني لها.
وكي لا يتشعب الحديث عن الانتخابات النيابية والمجلس المقبل، لا بأس من التوقف عند محطات تطول أو تقصر مع المجلس الحالي الذي أثبت إلى حد ما جدارة في الحقل التشريعي، مع الإشارة إلى غياب رقابته عن حقول كثيرة، تبدأ بالوضع الاقتصادي والاجتماعي ولا تنتهي عند الوضع المعيشي وتلبية احتياجات المواطنين بعد تراجع قدرتهم الشرائية، وما يرافق ذلك من احتجاجات شعبية عمت صداها أرجاء البرلمان، لاسيما من قبل المودعين الذين رفعوا الصوت في وجه قانون «الفجوة المالية».
في الدور التشريعي، عقدت الهيئة العامة للمجلس خلال هذا العام إحدى عشرة جلسة منها ست جلسات تشريعية أقرت فيها 32 قانونا، إضافة إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية وجلسة مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة لحكومة الرئيس نواف سلام، وجلسة وافق فيها المجلس على إحالة عدد من وزراء الاتصالات السابقين إلى لجنة تحقيق برلمانية شكلت للغاية، كما رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان، المتهم بجرائم اختلاس ورشاوى مالية خلال توليه مهامه كوزير للصناعة في الحكومة السابقة.
وفي الرقابة على أعمال الحكومة، عقدت جلسة وحيدة لمناقشة الحكومة في سياساتها العامة جدد فيها المجلس الثقة بحكومة الرئيس نواف سلام، كما خصصت جلسة لانتخاب اللجان النيابية وأعضاء هيئة مكتب المجلس.
ومن بين القوانين التي أقرها المجلس النيابي هذا العام، تلك المتعلقة بالإصلاحات الضرورية التي يطلبها المجتمع الدولي. فجرى إقرار قانون السرية المصرفية بعد إدخال تعديلات جوهرية عليه، وقانون إصلاح أوضاع المصارف والمعروف بإعادة هيكلتها الذي أعاده رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب بعد الطعن به أمام المجلس الدستوري الذي أخذ به في مادتين، ويبقى هذا القانون معلقا لحين إقرار قانون الانتظام المالي أو الفجوة المالية، إضافة إلى التصديق على قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص، وإقرار القانون المتعلق بتنظيم القضاء العدلي بمادة وحيدة كما عدلته لجنة الإدارة والعدل.
وبخلاف العام السابق 2024 حيث عقد المجلس أربع جلسات أقر فيها ثمانية قوانين بسبب عدم توافر الظروف لانعقاد الهيئة العامة في ظل حكومة تصريف الأعمال والمقاطعة المستمرة للجلسات والمماحكات السياسية، سجلت السنة الحالية وتيرة تشريع أسرع من ذي قبل. وما ميز هذه السنة تفعيل دور اللجان النيابية البالغ عددها 16 لجنة، وهذا أمر كان ملحوظا عند الجميع، حيث النقاش الجاد داخل اللجان على الرغم من اختلافات الرأي التي بلغت حدود التناقض في بعض الأحيان، ومواظبة أعضاء المجلس على حضور اجتماعات لجانه المختلفة وهيئته العامة.
وما يستدعي التوقف عنده، هو أن اللجان الأساسية كثفت من اجتماعاتها، لاسيما لجنة المال والموازنة التي تواصل مناقشاتها لمشروع قانون الموازنة العامة 2026 بغية إقراره في الهيئة العامة في السنة الجديدة.
وتبقى الإشارة إلى أن الجدل حول قانون الانتخاب سيبقى قائما مع حلول السنة الجديدة حول كيفية مشاركة المغتربين في العملية الانتخابية، بين من يطالب بتعديل القانون ليتيح التصويت لاختيار النواب الـ 128، ومن يتمسك بالنص القائم الذي يخصص لهم ستة مقاعد نيابية، وهو ما تعتبره أكثر من جهة مراقبة خلافا سياسيا بامتياز لا خلافا تقنيا.
الأنباء












