fbpx
مايو 20, 2024 2:42 ص
Search
Close this search box.

ماذا إن فُتح البحر أمام السوريين في لبنان؟… “ما بعرف اسبَح لكن كِبّوني وين ما كان بروح”

هجرة

قبل أقل من شهر، أطلقت قبرص جرس الإنذار باتجاه أوروبا متحدّثة عن خطورة النزوح السوريّ في لبنان وإمكانيّة تحوّله إلى قنابل موقوتة تجوب البحار من لبنان إلى قبرص، ومنها إلى شواطئ أوروبية مختلفة ومتعدّدة.

والصرخة التي أطلقتها قبرص لم تأتِ من فراغ، أو من رغبة في معالجة واقع النزوح السوري في لبنان، إنما من تجربة أليمة عاشتها الجزيرة القبرصية خلال الحرب اللبنانية، إذ توافدت إليها مراكب الهجرة، ناقلة معها من لبنان رواسب الأزمة التي لا تُحمد عقباها.

في مقابل التحذير القبرصي، جاء كلام الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته الأخيرة، وقد دعا إلى وضع خطة أو استراتيجيّة لمعالجة أزمة النزوح السوريّ، متحدّثاً عن مراكب الهجرة عبر البحر المُمكنة و”الآمنة” بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، غامزاً من قنوات التفاوض مع أوروبا والغرب، ومعتبراً أنها باتت أكثر من ضروريّة.

انطلاقاً من هنا، ومن واقع النزوح السوريّ الشائك، هل يمكن للبحر أن يكون أحد الحلول؟ وهل لدى النازحين السوريين الاستعداد لركوب البحر ومخاطره؟ وهل من حلول أخرى ممكنة؟

6200 دولار أميركي تكلفة الوصول إلى فرنسا

يقول النازح السوريّ “سامر” ( 36 عاماً) إن “تجربة الهجرة من لبنان بطريقة غير شرعيّة ترد في بالي في كلّ ثانية ولحظة، وسبق لي أن تواصلت مع مجموعة من المُهربين غير الشرعيين الذين ينقلون السوريين من لبنان إلى فرنسا عبر البحر، انطلاقاً من شاطئ عكار في شمال لبنان، لتصل إلى ليبيا كمحطة أولى، ومن ثَمّ إلى الساحل الإيطالي، ومنه غبر القطار إلى فرنسا”.
يؤكّد “سامر” (اسم مستعار) في حديث لـ”النهار” أن “تكلفة هذه الرحلة حدّدت بـ6200 دولار، لكنني لم أتمكّن من تأمين المبلغ، فلم أحسن الخروج من لبنان”.

وأضاف: “بعد فترة من انطلاق الرحلة المشار إليها، علمت بأنّ ركابها لم يتمكنوا من اجتياز ليبيا، وهم في طريق العودة إلى لبنان. لكنني على الرغم من هذا أتمنى اليوم قبل الغد أن أتمكّن من مغادرة الأراضي اللبنانيّة بحثاً عن حياة كريمة لي ولعائلتي في أيّ بلد أوروبي”.

وتابع “سامر” سرده روايته ومتاعبه والصعوبات التي يعاني منها قائلاً: “ما بعرف اسبح. لكن كبّوني وين ما كان بروح… أرغب في الوصول إلى قبرص، إيطاليا، فرنسا أو ألمانيا. وهذه الرغبة مشتركة مع كلّ من أعرفهم من أصدقاء وأقارب من النازحين السوريين في لبنان. أعرف مجموعة من الأقارب والأهل الذين غادروا سوريا مباشرة عبر تركيا، ومنها انتقلوا إلى المانيا. تصلني أخبارهم وأخبار حياتهم الكريمة والمعاملة الممتازة التي يتلقونها والحقوق التي يتمتعون بها، فأحسدهم بكلّ ما للكلمة من معنى، وأتمنى لو أكون مكانهم”.

وعند سؤاله عن إمكانية مغادرة الأراضي اللبنانيّة في أيّ مركب في البحر إن فتح المجال أمامه، أجاب من دون تردد “إن عُرض عليَّ أن أغادر اليوم إلى أي جهة في مركب تتوفر فيه شروط السلامة بحدّ مقبول فأنا جاهز ومستعدّ”.

وأشار “سامر” المتزوج مرّتين، والذي ينتظر مولوده الجديد الذي سيأتي إلى الحياة في غضون أشهر قليلة، إلى أن “الحياة في لبنان متعبة بالنسبة إلى اللبنانيين، فكيف بالنسبة لنا نحن السوريين؟ نعيش الخوف يومياً، ونشعر بالتهديد، كما نشعر بأنّنا ضعفاء، ولا قدرة لنا على مواجهة الكمّ الكبير من العقبات التي تعترض طريقنا. لكن لا بدّ من الاعتراف بأن المجتمع اللبناني استقبلنا، وقدّم لنا أكثر ما استطاع، لكن الظروف دقيقة بالنسبة للجميع، والحياة لم تعد تطاق”.

وسرد “سامر” صعوبة اليوميات التي يمرّ بها، معتبراً أنّه لا بدّ من “التمييز بين النازح السوري في داخل المخيمات والنازح السوري خارجها. فبالنسبة لنا، نحن الذين نعيش خارج المخيمات، لا تصلنا المساعدات كما يصوّر في الإعلام. وأنا أدفع شهرياً فاتورة الكهرباء والماء والأنترنت، وأقول من دون خجل أنّني خلال فصل الشتاء يتراجع عملي إلى حدّ كبير، فأضطرّ في أغلب الأحيان إلى أن أستدين، أقلّه ما بين 700 و800 دولار أميركي حتى أتمكّن من تمرير فصل الأمطار، قبل أن أعود إلى العمل في الصيف لتأمين الطعام ولسداد الديون”.

تخبّط حكومي مستمرّ

على صعيد العمل الحكومي المتعلّق بملف النازحين السوريين في لبنان، أكّد وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين في اتصال مع “النهار” أن “الأمور على حالها، ولا جديد يذكر على صعيد التحرّك الحكومي في هذا الاتجاه، كما أنه ليس هناك أيّ تقدّم في موضوع الوفد اللبناني الذي من المقرّر أن يزور سوريا”، موضحاً بأن “هناك لجنة كُلّف بها وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، على الرغم من تنحّيه وعدم حماسته للقيام بزيارة سوريا، وعلى الرغم من إعلانه قبل فترة أنه (لا يقدر أن يشيل الزير من البير)”.

وأضاف “أمام هذا الواقع، يمكن القول إن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أخطأ بتعيينه بو حبيب، وذلك لأنّه لا يملك النية ولا يملك البرنامج، وفي حال قام بزيارة سوريا، فستكون زيارته على مضض”.

وقال شرف الدين: “في 11 أيلول الفائت، وخلال اجتماع مجلس الوزراء، منح وزير الخارجية مهلة لغاية شهر أيلول حتى يحدّد موعداً لزيارة سوريا، لكنّه حتى الساعة لم يتمّ تحديد الموعد؛ لذلك لا يُمكن الحديث عن أيّ شيء جديد على صعيد العمل الحكوميّ في هذا الإطار”.

وختم شرف الدين مؤكّداً أن “ما حمله خطاب السيد نصرالله الأخير من نقاط مرتبطة بملف النزوح السوري، يمكن اعتبارها إيجابية، على الرغم من أنّها أتت متأخّرة، كما لا بدّ من الإشارة إلى التبدّل الإيجابي على هذا الصعيد الذي يحمله خطاب كلّ من حزبيّ ” القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي”.

يمكن إرجاع ما لا يقلّ عن 800 ألف نازح الآن

في مقابل الدعوات إلى ترحيل النازحين السوريين بطرق مختلفة، أكّد الخبير في السياسات العامة وشؤون اللجوء والهجرة، زياد الصائغ، لـ”النهار”، أنّه ” في الحديث عن موضوع معالجة النزوح السوري في لبنان، لا بدّ من العودة إلى الأعوام 2011-2015، أي إلى المرحلة التي تلت مباشرة انطلاق الحرب في سوريا. في تلك المرحلة، حاول البعض في لبنان الحديث عن فتح أفق البحر بوجه السوريين أسوة بالتجربة التركيّة، في حين كان يعمل البعض الآخر في لبنان على تنظيم الوجود السوري، من خلال:

1- ضبط الوجود السوري (إحصاءات، أماكن الإقامة، العمل…).

2- إنشاء مراكز إيواء موقتة حدوديُة تمنع الإنتشار السوري في الداخل اللبناني.

3-تحديد من تنطبق عليه صفة النزوح (من يدخل سوريا ويعود إلى لبنان ليس نازحاً، كما أن من يعمل في لبنان لا تنطبق عليه صفة النزوح)”.

وأضاف الصائغ: “محاولات تنظيم الوجود السوري في لبنان وإنشاء مراكز إيواء موقتة لهم عند الحدود، تحت سيادة الدولة، وبرعاية الأمم المتحدة، تعرّضت للإجهاض والرفض، وذلك بهدف المحافظة على عمليات التهريب غير الشرعية، وعلى دخول وخروج المقاتلين من وإلى سوريا بحرية مطلقة”.

كما رأى الصائغ أنّه “تم إفشال إمكانية وضع بروتوكول تعاون بين الدولة اللبنانية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وذلك تحت حجة رفض تحويل لبنان إلى بلد لجوء”.

ورأى الصائغ أن “المجتمع الدولي فشل في وضع حلّ سياسيّ للأزمة في سوريا، كما فشل في إيجاد الحلول المناسبة لأزمة النزوح، لكن بدل من لومه، على الجهات الداخلية أن تتحرّك وتبادر ديبلوماسياً”.

وهنا لا بد من القول إن “حزب الله” الموجود في بعض مناطق سوريا، لا سيما في القلمون والقصير وصولاً إلى ريف حمص، يُمكنه أن يعيد اليوم قبل الغد إلى سوريا ما لا يقلّ عن 800 ألف نازح سوري”.

وقال الصائغ: “على الداخل اللبناني أن يتّجه بقضية النازحين السوريين إلى الديبلوماسية العالمية، فيضعها على سكة مسار “جنيف” بدلاً من التلهي بالمعارك الطائفية والمذهبية وفي مهاجمة المجتمع الدوليّ، كما أنه لا بدّ للبنان من أن يعزّز حضور قضية النزوح السوري عند اللجنة العربية الخماسية المهتمّة بهذا الموضوع”.

وشدّد الصائغ أنّ “موجة النزوح الجديدة منظّمة ومخيفة في الوقت نفسه. لذلك لا بدّ من الوقوف إلى جانب الجيش في التصدّي لها بدلاً من مهاجمته ومحاولة إضعافه”.

جو لحود-النهار

اقرأ أيضا