هل يحتاج الجميع إلى تناول مكملات فيتامين ب12؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت نصائح كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الجميع تقريباً إلى تناول مكملات فيتامين ب12 «لزيادة الطاقة» أو «تحسين المزاج». لكن هل فعلاً يحتاج كل شخص إلى هذه المكملات؟ ومتى تكون ضرورية حقاً؟ إليكِ الإجابة العلمية الشاملة.

ما هو فيتامين ب12 ولماذا يُعتبر ضرورياً؟

يُعرف فيتامين ب12 علمياً باسم «الكوبالامين»، وهو فيتامين ذواب في الماء يلعب دوراً حاسماً في:

  • إنتاج خلايا الدم الحمراء السليمة
  • صناعة الحمض النووي DNA
  • الحفاظ على سلامة الجهاز العصبي ووظائفه الطبيعية

بالإضافة إلى ذلك، يوجد هذا الفيتامين بشكل طبيعي في الأطعمة الحيوانية فقط مثل اللحوم، الكبد، الأسماك، المحار، البيض، الحليب ومشتقاته. لذلك، يرتبط امتصاصه بآليتين مهمتين: حمض المعدة والعامل الداخلي (Intrinsic Factor) الذي تفرزه خلايا المعدة.

وعندما يصل إلى الجسم، يخزن الكبد كميات كافية قد تكفي لسنوات (من 3 إلى 5 سنوات تقريباً)، ويُطرح الفائض مع البول بسهولة.

علامات نقص فيتامين ب12 التي لا يجب تجاهلها

عندما تنخفض مستويات ب12 بشكل كبير، تظهر أعراض واضحة، منها:

  • الإرهاق المزمن وانخفاض الطاقة
  • شحوب الوجه واصفرار الجلد
  • خفقان القلب وصعوبة التنفس
  • التهاب اللسان (يتحول إلى اللون الأحمر اللامع ويصبح مؤلماً)
  • تنميل ووخز في الأطراف
  • ضعف العضلات ومشاكل في التوازن والمشي
  • تغيرات مزاجية، اكتئاب، ضعف الذاكرة، وحتى التشوش الذهني في الحالات المتقدمة

من هم الأكثر عرضة لنقص فيتامين ب12؟

ليس الجميع بحاجة إلى مكملات ب12. لكن هناك فئات معينة تكون أكثر عُرضة للنقص، ويُنصح بمراقبتها جيداً:

  1. النباتيون الصرف (Vegan): لأن ب12 غائب تماماً عن المصادر النباتية الطبيعية (حتى الأعشاب البحرية والخميرة الغذائية تحتوي على أشكال غير نشطة).
  2. كبار السن فوق 50 سنة: لأن إفراز حمض المعدة يقل مع التقدم في العمر، مما يعيق امتصاص ب12.
  3. مرضى فقر الدم الوبيل (Pernicious Anemia): حيث يفقد الجسم القدرة على إنتاج العامل الداخلي.
  4. مرضى أمراض الجهاز الهضمي مثل داء كرون، الداء البطني (السيلياك)، أو من أجريت لهم عمليات استئصال جزء من المعدة أو الأمعاء.
  5. متناولو أدوية مزمنة مثل ميتفورمين (للسكري) أو مثبطات مضخة البروتون (للحموضة) لفترات طويلة.

هل تناول مكملات ب12 بدون نقص يعطي «طاقة إضافية»؟

الإجابة العلمية واضحة: لا. عدة دراسات كبرى (نُشرت في مجلات مثل The American Journal of Clinical Nutrition وJAMA) أكدت أن تناول مكملات ب12 لدى الأشخاص ذوي المستويات الطبيعية:

  • لا يزيد الطاقة
  • لا يحسن المزاج
  • لا يقلل خطر أمراض القلب أو السكتة أو التدهور المعرفي

بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر فيتامين ب12 آمناً حتى بجرعات عالية جداً (لأن الفائض يُطرح في البول)، لكن تناوله بدون داعٍ يبقى هدراً للمال فقط.

متى يجب أن تفكري فعلاً في تناول مكملات ب12؟

  • إذا كنتِ نباتية صرفة (Vegan) → يُنصح بتناول مكمل يومي أو أسبوعي مدى الحياة.
  • إذا ظهرت عليكِ أعراض مشبوهة → لا تعتمدي على التشخيص الذاتي، اطلبي تحليل دم بسيط (Serum B12 + Methylmalonic Acid إذا أمكن).
  • إذا كنتِ في إحدى الفئات عالية المخاطر → استشيري طبيبكِ لتحديد الجرعة والشكل المناسب (أقراص، حقن، بخاخ أنفي، أو تحت اللسان).

الخلاصة: لا تشتري المكمل قبل أن تتأكدي

فيتامين ب12 عنصر حيوي لا غنى عنه، لكن معظم الناس الذين يتناولون نظاماً غذائياً متنوعاً يحصلون على كفايتهم بسهولة. أما تناول المكملات «على عماها» لمجرد الشعور بقليل من التعب فهو قرار غير مبرر علمياً، وقد يكون مضيعة للمال فقط.

لذلك، إذا كنتِ تشعرين بالإرهاق أو أي أعراض أخرى، فالخطوة الأذكى دائماً هي استشارة الطبيب وإجراء تحليل دم بسيط… وليس البحث عن حلول سريعة على تيك توك أو إنستغرام.

اقرأ أيضا