fbpx
أبريل 27, 2024 2:35 م
Search
Close this search box.

“إشراق العصر القديم.. الذكاء الاصطناعي يكشف أسرار التاريخ”

جاء فوز فاريتور الأول من خلال تحديد كلمة (ΠΟΡΦΥΡΑϹ) وتعني أرجوانية باللغة الإغريقية القديمة على خط المنتصف الظاهر في الصورة
لفائف هركولانيوم، التي تم حفظها بفعل ثورة بركانية لمدة آلاف السنين، تُشكّل اليوم تحديًا للمعنيين بالذكاء الاصطناعي الذين يسعون لكشف أسرارها.

فريدمان، الذي اكتشف المخطوطات خلال فترة الحجر الصحي، يتمنى أن تُضيف هذه اللفائف قيمة عظيمة لفهمنا لروما القديمة.

يُعد اكتشاف هذه اللفائف فرصة لاستعادة جزء من التاريخ الذي كان مفقودًا، ويعكس حماس الباحثين لفهم وفك رموز هذه اللفائف القديمة.

ورغم الجهود المستمرة لفهم هذا المحتوى الثمين، فإن المحتوى المخفي لا يزال غامضًا بسبب الدمار الذي تعرّضت له اللفائف بسبب الثوران البركاني.

تظل مساعي الباحثين لفهم هذه اللفائف تحديًا بسبب هشاشتها وتفتتها، مما يجعل عملية الفك تحديًا كبيرًا.

الجهود الحديثة لإجراء مسح ثلاثي الأبعاد عالي الدقة قد أثارت الحماس بين الباحثين، ومع ذلك، فإن التحديات اللوجستية وتكلفة المشروع تظل عقبة أمام تحقيق التقدم المطلوب في كشف محتوى هذه اللفائف الثمينة.

مخطوطات هرقولانيوم: كنوز العصور القديمة المفقودة

تعتبر مخطوطات هرقولانيوم مجموعة من اللفائف ذات أهمية أسطورية بين المؤرخين الكلاسيكيين، إذ دُفنت داخل فيلا ريفية في إيطاليا بسبب ثورة بركانية في عام 79 م، أدت إلى تحجر مدينة بومبي عن العالم الخارجي.

وحتى الآن، لم يتم العثور إلا على 800 لفافة في جزء صغير من الفيلا التي يعتقد المؤرخون أنها كانت ملكًا لرجل ثري ربما كان يصهر ليوليوس قيصر. ويُعتقد أن هذا المكان يحتوي على مكتبة ضخمة، ربما تحتوي على آلاف أو حتى عشرات آلاف من هذه اللفائف.

إذا صحّت التوقعات، فإن هذا العدد الضخم سيشكل أكبر مجموعة نصوص قديمة تم العثور عليها في التاريخ، مما يعني أنها قد تفوق بشكل كبير ما ورثناه من شعر وأعمال مسرحية وفلسفية من العصور الإغريقية والرومانية القديمة. ويتمنى المؤرخون أن يكتشفوا أعمالًا جديدة لكتّاب مشهورين مثل إسخيلوس وصافو وسوفوكليس، مما قد يسلّط الضوء على العصور المسيحية الأولى.

وفي هذا السياق، قال روبرت فولير، الباحث في التاريخ الكلاسيكي ورئيس “جمعية هرقولانيوم” غير الربحية: “قد تساهم بعض هذه النصوص بشكل كبير في إعادة كتابة مراحل أساسية من تاريخ العالم القديم، فهذا المجتمع هو الذي تحدّر منه العالم الغربي المعاصر”.

إلى الآن، يظل محتوى مخطوطات هرقولانيوم غامضًا تمامًا بسبب الثورة البركانية التي وقعت في جبل فيزوف. على الرغم من أن كميات هائلة من الطين الساخن والرماد غمرت اللفائف وحفظتها، إلا أنها تحولت إلى رماد بعد الثوران البركاني، مما جعل المخطوطات التي استخرجت تبدو وكأنها بقايا حطب محترقة.

لقد تمت محاولات عدة على مر القرون لفك لفائف المخطوطات، بعضها بجهد كبير واهتمام شديد، وبعضها الآخر لم يحظى بأي اهتمام يذكر. ونظرًا لهشاشة اللفائف، كانت نهاية معظم المحاولات مأساوية، حيث أدت إلى تفتت المخطوطات إلى قطع صغيرة متفحمة.

في السنوات الأخيرة، بذلت جهود كبيرة لإجراء مسح ثلاثي الأبعاد عالي الدقة لمحتوى اللفائف، مما يعني تحليلها افتراضيًا. ومع ذلك، لم تساهم نتائج هذه المحاولات بشكل كبير في كشف محتوى المخطوطات، حيث بالكاد تمكن الباحثون من رؤية شيء من النصوص على ورق البردي.

على الرغم من أن بعض الخبراء أدعوا أنهم رأوا أحرفًا في الصور المسحية، إلا أنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق حول ذلك. وبسبب تعقيدات التكلفة، يعد مسح جميع اللفائف أمرًا صعبًا للغاية، ولا يمكن لمعظم الممولين تحمل تكاليفه، إلا الأثرياء. وهكذا، بقي محتوى المخطوطات، وكلماتها، وفقراتها، لغزًا لفترة طويلة.

مسح مقطعي للفافة على شاشة كومبيوتر فاريتو

دخول الذكاء الاصطناعي و اكتشاف الأسرار القديمة:

في العام 2016، نجح سيلز مع طلابه في قراءة لفافة قديمة محترقة تحتوي على نص باللغة العبرية عن طريق إعادة ضبط برنامجهم الإلكتروني ليكشف عن تغيرات في الكثافة بين المخطوطة المحترقة والحبر عليها، مما سمح بإضاءة الأحرف لتظهر على الخلفية الداكنة. ومن ثم، بدأ سيلز وفريقه في تجارب باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث قاموا بمسح للفائف باستخدام ماكينات مسح ضوئي أكثر فعالية وتدريب الخوارزميات على التعرف على أنماط الأحرف.

ومع مرور الوقت، تمكنت تقنية سيلز من كشف أجزاء من اللفائف، لكن قراءتها بقيت صعبة تقريبًا. وفي عام 2020، قام فريدمان بتفعيل خدمة “تنبيهات غوغل” لمتابعة آخر التطورات في أبحاث سيلز. ولكن بعد عام واحد دون أي تطور، قرر فريدمان التحرّك.

في عام 2022، دعا فريدمان سيلز لحضور فعالية في كاليفورنيا لمناقشة الأفكار الرئيسية، لكن الرد كان ضعيفًا. وبعد أن شعر بالذنب والإحراج، أقترح فريدمان فجأة فكرة إقامة مسابقة لمساعدة سيلز، وعرض استخدام بعض من ماله الخاص لتمويلها، بالإضافة إلى عرض شريكه الاستثماري دانيل غروس لتقديم مبلغ مماثل.

عملية المسح الضوئي للفوائف هي عملية معقدة تتطلب العديد من الخطوات والتقنيات المتقدمة. تبدأ العملية بغمر اللفافة بأشعة سينية عالية الطاقة لإنشاء صور ثلاثية الأبعاد بدقة عالية. ثم يتم تقسيم الصور إلى شرائح صغيرة تسهل عملية التحليل. يتم استخدام برامج إلكترونية لفتح وتسطيح هذه الشرائح، مما يتيح رؤية الأحرف والكتابات بشكل واضح.

نظرًا لحجم البيانات الضخم والتعقيد الذي تنطوي عليه الصور الماسحة، يجب على المشاركين في المسابقة قراءة فقط أربع مقاطع من النص بدقة 140 حرفًا على الأقل بحلول موعد إغلاق المسابقة في نهاية عام 2023. تم تخصيص جوائز صغيرة للإنجازات المرحلية التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، مثل تطوير برامج إلكترونية قادرة على تسهيل عملية المسح الضوئي.

وقد جذبت المسابقة اهتمامًا كبيرًا، حيث شارك فيها العديد من الباحثين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي. ومن بين المشاركين كان لوك فاريتور، الذي وجد نجاحًا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الماسحة واكتشاف الحروف المخفية. استخدم فاريتور نموذج برمجي لتحليل الصور وتحديد الانسلاخات، ثم قام بتدريب النموذج على التعرف على الحروف المخفية، مما ساعد في اكتشاف المزيد من الأحرف غير المرئية بواسطة العين المجردة.

بهذه الطريقة، نجحت التقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعي في مساعدة الباحثين على كشف أسرار اللفائف القديمة وفهم محتواها بشكل أفضل.

“تحالف ثلاثي: نجاح التكامل بين الذكاء الاصطناعي في فك رموز اللفائف البرديّة”

تحالف فاريتور مع يوسف نادر وجوليان شيليجير يمثل خطوة مهمة نحو تطوير تقنيات جديدة لقراءة اللفائف البرديّة بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي. من خلال دمج تقنياتهم ومشاركة المعرفة والخبرات، يمكنهم تحسين النماذج البرمجية وتعزيز قدرتهم على اكتشاف وفك رموز اللفائف بشكل أسرع وأكثر دقة.

إن هذا التحالف يظهر القدرة على التعاون والتكامل بين الباحثين والمهتمين بالذكاء الاصطناعي، حيث يعملون سويًا لتحقيق هدف مشترك وهو قراءة وفهم اللفائف البرديّة بشكل أفضل. كما يوضح هذا التحالف أهمية تبادل المعرفة والتجارب بين الأفراد والمجموعات المختلفة في سبيل تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي.

من المتوقع أن يستمر هذا التحالف في تحقيق المزيد من التقدمات في مجال قراءة اللفائف البرديّة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما سيسهم في فتح المزيد من الأبواب أمام فهمنا للتاريخ والثقافة القديمة.

تحديات اكتشاف المدينة القديمة تحت إيركولانو

في الوقت الحاضر، يوجد بلدة إيركولانو بسكان يقدر عددهم بنحو 50 ألف نسمة، والتي تم بناؤها فوق موقع المدينة القديمة هركولانيوم. يمتلك العديد من سكان هذه البلدة أراضي ومباني فوق الموقع الأثري للفيلا الرومانية. بحسب فديريكا نيكولاردي، الخبيرة في دراسة ورق البردي في جامعة نابولي فديريكو الثاني، فإن “سيضطرون إلى إخلاء سكان إيركولانو وتدمير البلدة بأكملها لاكتشاف المدينة القديمة”.

في حين يعمل فريدمان على استغلال جميع الموارد المتاحة لديه، إلا أن هناك الكثير من العمل الذي يتبقى. حتى الآن، تم الكشف عن 5٪ فقط من لفافة واحدة من اللفائف القديمة من خلال المسابقة الأولى، ومن المتوقع أن تتمكن المجموعة الجديدة من المتسابقين من كشف 85٪ من المدينة القديمة.

بالإضافة إلى ذلك، يسعى فريدمان إلى تمويل ابتكار أنظمة مؤتمتة تساعد في تسريع وتسهيل عملية المسح الضوئي رقميًا. يدرس شراء أجهزة مسح ضوئي يمكن تركيبها مباشرة في الموقع، مما يمكن استخدامها بشكل موازي لمسح كميات كبيرة من اللفائف يوميًا.

وفيما يتعلق بأهمية هذا الجهد، يقول: “حتى لو تم العثور على نص واحد فقط يعود لأرسطو أو قصيدة جميلة لهوميروس، أو رسالة من جنرال روماني يتحدث فيها عن يسوع المسيح… كل ما تحتاجه هو أحد هذه الأشياء ليجعل الجهد جديرًا بالعناء”.

ديلي بيروت

اقرأ أيضا

أخبار ذات صلة