fbpx
مارس 29, 2024 4:45 م
Search
Close this search box.

لائحة اتهام ترمب كارثة

كان الثلاثاء يوماً تاريخياً على صعيد حكم القانون داخل أميركا، لكن ليس على النحو الذي ربما تخيله ألفين براغ، المدعي العام بمانهاتن. لقد كانت لائحة الاتهام ـ التي ضمت 34 اتهاماً ـ بمثابة كارثة، وشكلت انتكاسة لحكم القانون، إضافة إلى أنها تقر سابقة خطيرة أمام المدعين.
في الواقع، فإن هذا الحرج القانوني يكشف عن مستويات جديدة من الضرر الذي أنزله ترمب بالأسس القانونية التي تقوم عليها الولايات المتحدة: لقد استجاب خصوم ترمب لاستفزازاته وخرقه للأعراف من خلال تصعيد عملية تآكل الأعراف القانونية وإسراع وتيرتها.
الحقيقة أن القضية التي يواجهها ترمب تبدو شديدة الضعف من حيث أساسيها القانوني والقضائي، لدرجة أن قاضياً في ولاية يمكنه رفض القضية والحد من هذه الأضرار. ومع ذلك، يبدو الاحتمال الأكبر أن القضية في طريقها نحو محكمة فيدرالية لمدة عام، حيث يمكن أن تخسر على أساس ما يسمى «الشفعة الفيدرالية». تجدر الإشارة هنا إلى أن المحاكم الفيدرالية فقط هي من تملك ولاية قضائية على تمويل الحملات الانتخابية. وحتى إذا نجت القضية من الطعن الذي يمكن أن يصل إلى المحكمة العليا، فإن الاحتمال الأكبر أن المحاكمة الفعلية لن تبدأ حتى منتصف عام 2024 على الأقل، بل وربما بعد انتخابات عام 2024.
وبدلاً من حكم القانون، سنعاين حكم السيرك.
ودعونا هنا نبدأ بالمشكلة الواضحة في القضية، وهي أن المبالغ محور المشكلة جرى دفعها منذ 6 سنوات تقريباً، وأن الحقائق الأساسية المرتبطة بها كانت معلنة منذ 5 سنوات. بالتأكيد، كانت هناك أسباب سياسية معقدة وراء التأخير، لكن تظل الحقيقة أن سلف براغ، سايرس فانس، كان أمامه ما يقرب من عام لرفع هذه القضية بعد رحيل ترمب عن منصبه، إلا أنه لم يفعل ذلك. كما أن وزارة العدل لم تفعل ذلك هي الأخرى.
وقد تكهن خبراء قانونيون كثيراً بالزعم الجنائي الجوهري في هذه القضية، لأن الاتهام المتوقع الخاص بـ«تزوير سجلات تجارية» يصبح جناية فقط عندما «تتضمن نيته في الاحتيال النية لارتكاب جريمة أخرى، أو المساعدة على ارتكابها أو التستر عليها».
المثير للدهشة أن أوراق القضية التي قدمها المدعي العام لم توضح الجريمة الجوهرية التي من شأنها قلب جنحة التزوير إلى جناية.
وخلال مؤتمر صحافي، أجاب براغ عن سؤال بهذا الشأن بقوله إنه لم يحدد الجريمة الجوهرية، لأن القانون لا يلزم ذلك. إلا أن إجابته هذه تجاهلت كيف أن القانون يتطلب بذل مزيد من الجهود أكثر من مجرد الالتزام بالحد الأدنى المفروض في النص، ويتطلب كذلك الإنصاف والتعامل بجدية مع فكرة المشروعية العامة.
ونتيجة لذلك، نجد أن ترمب والرأي العام لا يعرفان سوى القليل عن هذه القضية، وهو أمر صادم للغاية. ومن غير المعروف حتى هذه اللحظة أي القوانين على وجه التحديد انتهكها ترمب، وما إذا كان ما اقترفه يعد جريمة على مستوى الولاية أم جريمة فيدرالية، وهل هي جريمة ضريبية أم نمط آخر من الجرائم.
ربما يكون هذا الغموض إجراءً مقبولاً قانونياً في مانهاتن، لكنَّه يبدو بمثابة انتهاك ممنهج لحق أبناء نيويورك في معرفة «طبيعة الاتهامات والأدلة» القائمة في قضية ما، ما يشكل خرقاً للتعديل السادس.
على الجانب الإيجابي، ربما يدفع رد الفعل السلبي القوي المدعين في مانهاتن إلى إنهاء مثل هذه الممارسة. ومع هذا، من الصعب أن يمنع المرء نفسه من التساؤل حول ما إذا كان ترمب قد جرت معاملته على نحو أسوأ عن المتهمين الآخرين في قضايا مشابهة، لأنه بعد كل هذه السنوات يبدو من المؤكد أن مدعياً في مانهاتن كان ليخبر متهماً آخر بالفحوى الأساسية على الأقل للجرائم التي يتهمه بارتكابها، والأساس القانوني لها.
ويبدو الرأي العام معذوراً لاعتقاده أن براغ لم يستقر بعد على نظرية قانونية محددة لاتهام ترمب. وللأسف، فقد عزز بموقفه هذا أولئك الذين يصورون القضية برمتها باعتبارها قضية سياسية في الأساس تبحث عن نظرية قانونية لتستند إليها.
وحتى اعتماداً على نصف الجنحة التي نعرفها ـ تزوير مستندات تجارية «بهدف الاحتيال» ـ فإنه يبقى من غير الواضح ما إذا كان سبق أن سمحت أي محكمة على الإطلاق بحكم إدانة في قضية تزوير مستندات، بناءً على سجلات تجارية داخلية تماماً، لم يكن ليختصم بشأنها أي طرف آخر، مثل بنك أو شركة تأمين أو عميل.
في الواقع، هذه الثغرة في القضية كان ينبغي لها أن تدفع المحققين نحو التريث والتساؤل: «ما الذي يعنيه، على الصعيد العملي، بنية الاحتيال؟»، إذا كان هناك مستند تجاري داخلي، فإنه من غير الواضح ما الدور الذي يمكن أن يلعبه في الاحتيال، ما دام أنه من غير المحتمل أن تعتمد عليه كيانات أخرى وأن تنخدع به. وحتى لو دفع البعض بأنه ينبغي تطبيق القانون على المستندات الداخلية كذلك، فإن هذا بالتأكيد ليس الوقت المثالي لاختبار مثل هذا التطبيق الجديد (وشديد الندرة) للقانون.
وبسبب مبدأ الشفعة سالف الذكر، من الممكن للغاية ألا تتمكَّن ولاية نيويورك من عقد محاكمة لقضية تقوم على انتهاك قوانين الانتخابات الفيدرالية. والواضح أن الجريمة الجوهرية هنا، بالتخمين من المؤتمر الصحافي الذي عقده براغ والبيان الصحافي الصادر، تتعلَّق بانتهاك قوانين تمويل الحملات الانتخابية ـ تحديداً إنفاق أموال حملة انتخابية للتستر بخصوص حملة انتخابية من دون الإبلاغ عن ذلك.
إلا أنه فيما يخص الانتخابات الفيدرالية، فإن كلاً من الكونغرس وولاية نيويورك يتفقان على أن القضايا المتعلقة بالحملات الفيدرالية تخص المحاكم الفيدرالية، وليس محاكم الولايات.
من ناحيتهم، استشهد المدافعون عن لائحة الاتهام المعلنة أمس، بأمثلة من محاكم فيدرالية سمحت للولايات بالمضي قدماً في قضايا مشابهة، بناءً على قوانين الولاية، لكن هذه القضايا لم تتعلَّق باختراق قواعد أساسية لتمويل الحملات الانتخابية، وإنما تتعلق بتحويل شخص يتولى جمع الأموال، ما جمعه إلى نشاط تجاري خاص به هادف للربح، أو تعلقت بقواعد تنظيم إسهامات المتبرعين أو لجان العمل السياسي، مقارنة بسلوك المرشحين أنفسهم.
علاوة على ذلك، ثمة سبب وجيه وراء إقرار مبدأ الشفعة الفيدرالية على تمويل الحملات الانتخابية الفيدرالية، ولذلك، اتفق الكونغرس وولاية نيويورك على أن تمويل الحملات الفيدرالية شأن يخص المحاكم الفيدرالية.
لدى السيد ترمب فرصة كبيرة للفوز، نظراً لوضوح لغة الإجراءات الوقائية الفيدرالية وتأكيد الإجراءات الوقائية في قانون ولاية نيويورك.
فبالنظر لما سبق، فإن ما حدث الثلاثاء ربما كان في حقيقته إدانة لوزارة العدل تحت قيادة ويليام بار وميريك غارلاند. لو كان يحق لأحد التقدم بهذه الدعوى، فقد كانا هما. وثمة اتهامات أقوى وأحدث وأشد خطورة بكثير أولى بأن يجري التحقيق بشأنها.

جيد هاندلسمان شوغرمان – نيويورك تايمز

اقرأ أيضا